منتديات تونس 2050
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم
المواضيع الأخيرة
صحيفة الشرق الأوسط السبت مايو 22, 2021 6:39 amAdmin
صحيفة القدس العربي السبت مايو 22, 2021 6:37 amAdmin
صحيفة العرب اللندنية السبت مايو 22, 2021 6:35 amAdmin
صحيفة العربي الجديد السبت مايو 22, 2021 6:33 amAdmin
مجلة التسلية والترفيهالخميس مايو 06, 2021 11:34 amAdmin
سلسلة رمضان يجمعناالثلاثاء أبريل 27, 2021 10:19 pmAdmin
Salam | سلامالثلاثاء أبريل 27, 2021 10:10 pmAdmin
بحـث
نتائج البحث
بحث متقدم

اذهب الى الأسفل
Admin
Admin
المدير العام
المدير العام
المساهمات : 4143
نقاط : 5588
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 31/01/2021
العمر : 34
الموقع : تونس 2050
https://tn50.yoo7.com

النهي عن كتابة الحديث وأسبابه (بقلم/ يحيى محمد) Empty النهي عن كتابة الحديث وأسبابه (بقلم/ يحيى محمد)

الأربعاء مارس 03, 2021 5:04 am
مرت على الحديث النبوي مراحل وأطوار تختلف كثيراً عن تلك التي جرت على القرآن الكريم.


فقد بدأ القرآن بالتدوين كلاً أو جزءاً، ومن ثم الجمع، ومن بعده الإقرار بنسخة مصححة تناقلتها الأجيال منذ زمن ثالث الخلفاء الراشدين وحتى يومنا هذا، وهي المعروفة بمصحف عثمان.


أما الحديث فأمره مختلف، ذلك أنه لم يجد تشجيعاً على تدوينه بالشكل الذي حصل مع القرآن، بل على العكس فإن الأخبار الكثيرة الواردة عن النبي صلى الله عليه وسلم والصحابة والتابعين تفيد كراهة كتابته وتدوينه، رغم أن العديد منها ينتابه التعارض والتناقض.


فمن ذلك ما رواه مسلم في صحيحه عن أبي سعيد الخدري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا تكتبوا عني شيئاً؛ فمن كتب عني شيئاً غير القرآن فليمحه، ومن كذب عليّ متعمداً، فليتبوأ مقعده من النار"[1].


وكذا روي عن زيد بن ثابت أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أن يكتب حديثه[2].


وروي عن أبي هريرة أنه قال: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نكتب الأحاديث، فقال: "ما هذا الذي تكتبون؟" قلنا أحاديث نسمعها منك، قال: "أكتاب مع كتاب الله؟ أمحضوا كتاب الله وأخلصوه، أتدرون ما ضل الأمم قبلكم إلا بما اكتتبوا من الكتب مع كتاب الله تعالى"، قلنا أنحدث عنك يا رسول الله؟ قال: "حدثوا عني ولا حرج، ومن كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار"، قلنا: فنتحدث عن بني إسرائيل؟ قال: "حدثوا ولا حرج، فإنكم لن تحدثوا عنهم بشيء إلا وقد كان فيهم أعجب منه"، قال أبو هريرة: فجمعناها في صعيد واحد فألقيناها في النار[3].


ومع أن نصوصاً أخرى نقلت عن النبي صلى الله عليه وسلم تجيز كتابة حديثه، كالتي ينقلها الحافظ البغدادي وابن عبد البر والرامهرمزي وغيرهم من الحفاظ، لكن يبدو من الكثير منها أنها تفيد الكتابة الشخصية، وهي من هذه الناحية لا تدل على عزم النبي صلى الله عليه وسلم على كتابة حديثه، وقد عدها الحفاظ ليست بأقوى من تلك التي أبدت الكراهة في الكتابة، وبعضها لا يتنافى مع مضامين الأولى؛ ككتابة السنن ومقادير الفرائض المعلومة، أو الكتابة المعللة لأجل الحفظ، أو لطلب ما فات من خطبة النبي صلى الله عليه وسلم، وإن كان بعضها الآخر يتناقض فعلاً مع الأولى.


ومن أبرز ما جاء في هذا الصدد حديث أبي شاه اليمني في التماسه من رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يكتب له شيئاً سمعه من خطبته عام فتح مكة، حيث قال صلى الله عليه وسلم: "أكتبوا لأبي شاه"[4].


وعن أبي هريرة أن رجلاً قال: يا رسول الله إني لا أحفظ شيئاً، قال: "استعن بيمينك على حفظك". ومثله ما روي عن أنس بن مالك[5].


وعن رافع بن خديج: قلنا يا رسول الله إنا نسمع منك أشياء أفنكتبها؟ قال: "أكتبوا ولا حرج"[6].


وقد نقلت روايات عديدة عما كان يكتبه عبد الله بن عمرو بن العاص وأن النبي صلى الله عليه وسلم قد أجاز له ذلك، كالذي رواه البغدادي في (تقييد العلم).


وروي عن أبي هريرة أنه قال: ما كان أحد أعلم بحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم مني، إلا عبد الله بن عمرو؛ فإنه كان يكتب بيده، فاستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم في أن يكتب ما سمع منه، فأذن له، فكان يكتب بيده ويعي بقلبه، وإنما كنت أعي بقلبي[7].


كما روي عن عبد الله بن عمرو أنه قال: ما آسى على شيء إلا على الصادقة والوهط. وكانت الصادقة صحيفة إذا سمع من النبي صلى الله عليه وسلم شيئاً كتبه فيها، والوهط أرض كان جعلها صدقة[8].


لكن هذا المنقول عن أبي هريرة وابن عمرو وابن خديج يتنافى مع ما سبق أن روي عن أبي هريرة من أن النبي صلى الله عليه وسلم اعترض على من كتب عنه وطلب إتيان ما كتب حتى جمع وأحرق.


وقيل أن من أبرز الصحابة الذين أباحوا الكتابة هم كلّ من عليّ بن أبي طالب وابنه الحسن وأنس بن مالك وعبد الله بن عمرو[9].


وورد نص (قيدوا العلم بالكتاب) عن كل من النبي صلى الله عليه وسلم وعدد من الصحابة رضي الله عنهم، منهم الإمام علي وعمر بن الخطاب وعبد الله بن عباس وغيرهم[10].


فقد روي عن الإمام علي رضي الله عنه أنه خطب وقال: من زعم أن عندنا شيئاً نقرأه، ليس في كتاب الله تعالى وهذه الصحيفة - وهي صحيفة معلقة في سيفه، فيها أسنان الإبل وشيء من الجراحات- فقد كذب[11].


وروي عنه أيضاً أنه قال: من يشتري مني علماً بدرهم، أي يشتري صحيفة بدرهم يكتب فيها العلم، ومثل ذلك روي عن ابن عباس[12].


كما روي عن الحسن بن علي أنه دعا بنيه وبني أخيه فقال: يا بني وبني أخي إنكم صغار قوم يوشك أن تكونوا كبار آخرين، فتعلموا العلم؛ فمن لم يستطع منكم أن يرويه، فليكتبه، وليضعه في بيته[13].


وروي أن مجاهداً سأل ابن عباس عن تفسير القرآن ومعه الواحة، فأمره ابن عباس بالكتابة، حتى سأله عن التفسير كله، ولهذا كان سفيان الثوري يقول: إذا جاءك التفسير عن مجاهد فحسبك به[14].


كما روي عن التابعي سعيد بن جبير بأن عبد الله بن عباس كان يملي في الصحيفة حتى يملأها، وذكر أنه كان هو الآخر يكتب في نعله حتى يملأها[15].


كذلك روي عن بشير بن نهيك أنه قال: كتبت عن أبي هريرة كتاباً فلما أردت أفارقه قلت: يا أبا هريرة إني كتبت عنك كتاباً فأرويه عنك؟ قال: نعم اروه عني[16].


ومثل ذلك روي عن الشعبي أنه قال: إذا سمعت شيئاً فاكتبه ولو في الحائط[17]، وكذا ما نُقل عن يحيى بن سعيد أن ابن أبي زائدة أخرج إليه كتاب الشعبي فكتب منه[18]، وهو خلاف ما سنرى في رواية أخرى أنه كان يمنع نفسه من أن يكتب شيئاً.


***


وكما قلنا أن التعارض في النصوص عن النبي صلى الله عليه وسلم حول كتابة حديثه - حيث بعضها يدعو إلى الكتابة في حين يمنع البعض الآخر ذلك - لا يلغي حقيقة كون النبي لم يرد لحديثه أن يدون تدويناً عاماً، إذ من الجائز أنه كان يتقبل الكتابة الشخصية، وربما أنه قام بمنع الكتابة أحياناً عندما خشي أن تتحول إلى التداول العام، كما تدل عليه بعض الأخبار.


وقد استمر حال التحفظ من التدويل العام للكتابة طيلة قرن من الزمان أو أكثر قليلاً، وذلك في عهد كل من الصحابة والتابعين.


وذكر الحفاظ أكثر من تفسير لما حدث من منع كتابة الحديث أو الأمر بمحوها وإزالتها.


ومن ذلك احتمل ابن الصلاح أمرين، أحدهما هو أن النبي صلى الله عليه وسلم أذن في الكتابة عنه لمن خشي عليه النسيان، ونهى عنها لمن وثق بحفظه مخافة الإتكال على الكتاب.


والآخر هو أنه نهى عن الكتابة خوفاً من أن يختلط الحديث بصحف القرآن، ومن ثم أذن في كتابته حين أمن من ذلك[19].


وعلى هذه الشاكلة علل ابن حجر في (مقدمة فتح الباري) نهي النبي عن تدوين آثاره، وكذا استمرار ذلك في عصر الصحابة والتابعين، بأمرين: أحدهما خشية أن يختلط بعض ذلك بالقرآن، وثانيهما لسعة حفظ هؤلاء وسيلان أذهانهم ولأن أكثرهم كانوا لا يعرفون الكتابة[20].


وذكر الرامهرمزي بأن علة كراهة الكتابة من قبل الصدر الأول للصحابة هو لقرب العهد وتقارب الإسناد ولئلا يعتمد على ذلك الكاتب فيهمل الحفظ ولا يعمل به[21].


كما قدّر بعض المعاصرين بأنه لما عمّ القرآن وشاع حفظاً وكتابة لم يبق لهذا الخوف من معنى، بل أصبحت كتابة السنة واجبة لصيانتها من الضياع[22].


لكن هذا التقدير وكذا القول بأن سبب النهي يعود إلى الخوف من أن يختلط الحديث بالقرآن، كما ردده المتأخرون إلى يومنا هذا، ليس عليه دليل بحسب ما روي عن سيرة الصحابة وأقوالهم.


ويبدو أن العلة في الكراهة والنهي تكمن في منع الإنشغال بالحديث والإشتغال فيه، وذلك لعدة أسباب، أبرزها أن لا يتخذ الحديث كتاباً يُضاهي ما عليه القرآن، كما هو عادة الناس، وسنرى أن السيرة الفعلية للصحابة والتابعين تؤيد هذا المعنى.


وقريب منه ما أشار إليه الحافظ أبو عمر بن عبد البر في ذكره للوجه الأول من علة كراهة الكتابة، حيث ذكر وجهين بهذا الخصوص: هما ألا يتخذ مع القرآن كتاباً يضاهى به، ولئلا يتكل الكاتب على ما كتب فلا يحفظ فيقل الحفظ[23].


ويؤيد هذا المعنى أن الكراهة لم تقتصر على كتابة الحديث، بل امتدت إلى كراهة الإكثار منه، فالإكثار يفضي إلى الإنشغال به والإشتغال فيه، كما يفضي إلى الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم، حيث تكثر احتمالات تحوير كلامه أو التقول عليه بشكل أو بآخر، ومن ثم يؤدي الأمر إلى إحلال دين بدين، كالذي حل في الأديان السماوية السابقة للإسلام.


ومن هنا ظهر التحفظ في كل من كتابة الحديث والإكثار من روايته، بل وظهر التثبت في سماعه والرغبة في إحالته أحياناً إلى من هو دون النبي صلى الله عليه وسلم خشية الكذب عليه، وذلك لما ورد عنه أنه توعد بالنار لكل من كذب عليه.


حديث الكذب على النبي صلى الله عليه وسلم


من المهم بمكان أن نعرف أنه ليس في الروايات التي رويت عن النبي ما يفوق حديث (الكذب على النبي) أهمية وصحة، وذلك لعدة أسباب.


فمن جهة أن هذا الحديث أثر تأثيراً بالغاً على سائر ما روي من الأحاديث، إذ كان له تأثيره على عدم كتابة الحديث والإقلال من الرواية، والتثبت والتدقيق في ما ينسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم، وحتى الإقلاع عن الرواية كلياً.


يضاف إلى أهميته الخاصة في المنع من الإنشغال بالحديث والإشتغال فيه، كالذي تدل عليه السيرة الفعلية لكبار الصحابة والتابعين، إذ فيه ما يقتضي التحذير لأولئك الذين يكثرون من الرواية.


هذا من جهة، أما من جهة أخرى فهو أن لهذا الحديث خصوصية لا يدانيه فيها حديث آخر قط من حيث الصحة والتواتر، إذ ليس هناك خبر كثرت طرق روايته وتخريجه كهذا الحديث، حتى صوره العلماء والحفاظ بأنه فاق حد التواتر، ولم يكن هناك حديث قط بلغ المدى الذي بلغه، حتى قال ابن الصلاح أنه من سئل عن إبراز مثال للحديث المتواتر سوى هذا الحديث أعياه طلبه[24].


وقد ورد الحديث في الصحيحين وغيرهما، وذكر ابن حجر أنه قد اعتنى جماعة من الحفاظ بجمع طرقه، فأول من وقف على كلامه في ذلك هو علي بن المديني وتبعه يعقوب بن شيبة، فذكر أنه روى هذا الحديث من عشرين وجهاً عن الصحابة من الحجازيين وغيرهم.


كما ذكر كل من إبراهيم الحربي وأبي بكر البزار أن الحديث رواه أربعون من الصحابة. وقال أبو بكر الصيرفي أنه رواه ستون نفساً من الصحابة، وجمع طرقه الطبراني فزاد قليلاً. وقال أبو القاسم بن منده رواه أكثر من ثمانين نفساً، وخرج الطرق بعض النيسابوريين فزادت قليلاً. وجمع طرقه ابن الجوزي في مقدمة كتاب (الموضوعات) فجاوز التسعين، وبذلك جزم ابن دحية. بل نُقل عن ابن دحية أن الحديث أُخْرِجَ من نحو أربعمائة طريق. وقال أبو موسى المديني رواه نحو مائة من الصحابة، وجمعها بعده الحافظان يوسف بن خليل وأبو علي البكري وهما متعاصران فوقع لكل منهما ما ليس عند الآخر، وكان المجموع عنهما هو رواية مائة من الصحابة. ونقل النووي أن الحديث جاء عن مائتين من الصحابة، ولأجل كثرة طرقه اعتبره جماعة من الحفاظ أنه متواتر[25].


ومما ذُكر بهذا الصدد أنه روى الحديث الكثير من التابعين عن طريق أنس بن مالك، ورواه ستة من مشاهير التابعين عن الإمام علي، كما روي عن ابن مسعود وأبي هريرة وعبد الله بن عمرو وغيرهم[26]. وذكر بعض الحفاظ أن من بين من روى هذا الحديث العشرة المشهود لهم بالجنة، وقال: ليس في الدنيا حديث اجتمع على روايته العشرة غيره ولا يعرف حديث يروى عن أكثر من ستين نفساً من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا هذا الحديث[27]. وقيل أن الحديث متواتر لفظاً ومعنى، فمن حيث التواتر اللفظي جاء بصيغة: (من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار) حيث رواه بضعة وسبعون صحابياً منهم العشرة المشهود لهم بالجنة[28]. أما من حيث التواتر المعنوي فكما جاء عن النووي أن الحديث روي عن مائتين من الصحابة[29]. ويبدو أن طرق الحديث أخذ تخريجها بالإزدياد مع تقادم الزمن، حتى قال ابن الصلاح: إن هذا الحديث لم يزل عدد رواته في ازدياد، وهلم جرا على التوالي والإستمرار[30]. الأمر الذي يجعل المصداقية الفعلية لهذه الطرق تنحصر بتلك التي رواها المتقدمون لا المتأخرون. كما أن القول بتواتر هذا الحديث يواجه بعض الإشكالات كما عرضناها في دراسة مستقلة.


هكذا تتبين أهمية هذا الحديث الذي به يمكن فهم الكثير مما جرى لكبار الصحابة والتابعين، حيث أقلوا من الرواية وتحفظوا فيها. ولا ينكر أن هناك عدداً من الصيغ التي روي فيها الحديث، ومن ذلك صيغتان لهما دلالتان متضادتان، إحداهما ذكر فيها الكذب (المتعمد) والأخرى دون هذا القيد، وفي بعض الروايات أن عبد الله بن الزبير سأل أباه: إني لا أسمعك تحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما يحدث فلان وفلان؟ فأجابه الزبير: والله يا بني ما فارقته منذ أسلمت ولكني سمعته يقول من كذب عليّ فليتبوأ مقعده من النار، والله ما قال متعمداً وأنتم تقولون متعمداً[31].


والذي يلاحظ هو أن سلوك الصحابة والتابعين يتسق مع دلالة الصيغة الأخيرة التي تخلو من لفظة (متعمداً) وما شاكلها[32]، وفي هذا تحذير قوي للإحتراز من أن يكون هناك تحوير لكلام النبي، وبالتالي المنع من إحلال دين آخر غير الدين القائم على القرآن، ويساند ذلك ما ورد من قرائن كثيرة دالة على المنع من الإنشغال بالحديث والإشتغال فيه، حيث أن الإنشغال والإشتغال في الحديث يفضيان في الغالب إلى تحوير كلام النبي والكذب عليه، كما يفضيان إلى تحويل المسائل الشخصية والإدارية إلى أمور دينية ما أنزل الله بها من سلطان، وهو ما يؤول إلى إحلال دين آخر خلاف ما عليه دين النبي والقرآن.


ويستنتج من ذلك أن النبي لم يرد من أقواله وأحاديثه أن ترتسم ديناً إلا تلك التي تتعلق بالسنة العملية العامة وتدل عليها قرائن أنها من الدين، وميزتها التكرر، وقد تعاطاها الصحابة بالحفظ والعمل، كالصلاة والزكاة والصوم والحج وما إليها.


--------------------------------------


[1] صحيح مسلم، شبكة المشكاة الألكترونية، ج4، حديث 3004، كذلك: الخطيب أبو بكر البغدادي: تقييد العلم، شبكة المشكاة الإلكترونية، ص1، ومقدمة ابن الصلاح في مصطلح الحديث، دار الفكر المعاصرـ دار الفكر، مراجعة نور الدين عتر، بيروت ـ دمشق، 1986م ـ 1406هـ، عن مكتبة سحاب السلفية الإلكترونية، باب في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده. كذلك جاء عن أبي سعيد قوله: استأذنت النبي صلى الله عليه وسلم أن أكتب الحديث، فأبى أن يأذن لي (تقييد العلم، ص2، ويوسف بن عبد البر النمري: جامع بيان العلم وفضله، موقع أم الكتاب للأبحاث والدراسات الإلكترونية، عن شبكة المشكاة الإلكترونية، باب ذكر كراهية كتابة العلم وتخليده في الصحف، لم تذكر أرقام صفحاته). وقوله أيضاً: ما كنا نكتب شيئاً غير القرآن والتشهد (تقييد العلم، ص25).
[2] تقييد العلم، ص3، وفي رواية أخرى عن زيد بن ثابت أنه دخل على معاوية، فسأله عن حديث، فأمر إنساناً يكتبه، فقال له زيد: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرنا أن لا نكتب شيئاً من حديثه، فمحاه (تقييد العلم، ص3، وجامع بيان العلم وفضله، باب ذكر كراهية كتابة العلم وتخليده في الصحف).
[3] تقييد العلم، ص3، وفي رواية أخرى عن أبي هريرة أنه قال: بلغ رسول الله أن ناساً قد كتبوا حديثه، فصعد المنبر، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ما هذه الكتب التي بلغني أنكم قد كتبتم، إنما أنا بشر، من كان عنده منها شيء فليأت به؛ فجمعناها فأحرقت، فقلنا يا رسول الله نتحدث عنك؟ قال تحدثوا عني ولا حرج، ومن كذب عليّ متعمداً، فليتبوأ مقعده من النار (تقييد العلم، ص3).
[4] مقدمة ابن الصلاح في مصطلح الحديث، باب في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده. وجاء أيضاً أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب كتاب الصدقات والديات والفرائض والسنن لعمرو بن حزم وغيره (جامع بيان العلم وفضله، باب ذكر الرخصة في كتاب العلم).
[5] تقييد العلم، ص14.
[6] تقييد العلم، ص17.
[7] وجاء عن عبد الله بن عمرو أنه ذكر عن نفسه بأنه كان يكتب كل شيء يسمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم لأجل حفظه، فنهته قريش عن ذلك بحجة أنه يكتب كل شيء يسمعه من النبي والنبي بشر يتكلم في الغضب والرضا، فأمسك ابن عمرو عن الكتابة وذكر ذلك للنبي، فقال له النبي: أكتب فوالذي نفسي بيده ما خرج مني إلا حق. وعن عبد الله بن عمرو أيضاً أنه قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: ءأكتب ما سمعت منك؟ قال: نعم، قال عند الغضب وعند الرضا؟ قال: نعم، إنه لا ينبغي لي أن أقول إلا حقاً. وعنه أيضاً أنه قال: قلت يا رسول الله أقيد العلم؟ قال: نعم، قلت وما تقييده؟ قال: الكتاب (تقييد العلم، ص15).
[8] تقييد العلم، ص22.
[9] مقدمة ابن الصلاح في مصطلح الحديث، باب في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده. وإن كنا سنجد بعض المنقولات عن الإمام علي أنه كان يطالب بمحو ما كُتب من الحديث.
[10] تقييد العلم.
[11] تقييد العلم، ص23، وجاء في صحيح البخاري أن علياً خطب على منبر من آجر وعليه سيف فيه صحيفة معلقة، فقال: والله ما عندنا من كتاب يقرأ إلا كتاب الله وما في هذه الصحيفة، فنشرها فإذا فيها أسنان الإبل وإذا فيها المدينة حرم من عير إلى كذا، فمن أحدث فيها حدثاً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً، وإذا فيها ذمة المسلمين واحدة يسعى بها أدناهم فمن أخفر مسلماً فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً، وإذا فيها من والى قوماً بغير إذن مواليه فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً (صحيح البخاري، ضبطه ورقمه ووضع فهارسه مصطفى ديب البغا، شبكة المشكاة الإلكترونية، حديث 6870، كذلك: الخطيب البغدادي: الرحلة في طلب الحديث، مكتبة يعسوب الدين الإلكترونية، ص130).
[12] أبو خيثمة النسائي: كتاب العلم، مكتبة يعسوب الدين الإلكترونية، ص34.
[13] تقييد العلم، ص24. وعن أنس بن مالك أنه كان إذا حدث فكثر عليه الناس جاء بمجال فألقاها، ثم قال: هذه أحاديث سمعتها وكتبتها عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعرضتها عليه {تقييد العلم، ص26
[14] الطبري: جامع البيان، مكتبة يعسوب الدين الإلكترونية، ج1، ص62، وابن تيمية: مقدمة في أصول التفسير، شبكة المشكاة الإلكترونية، المقدمة (لم تذكر أرقام صفحاته ولا فقراته).
[15] تقييد العلم، ص28، مع أن هناك روايات أخرى منافية عن ابن عباس تشير إلى كراهته كتابة العلم والحديث، ومنها ما نسب إلى سعيد بن جبير، إذ جاء عن سعيد أن ابن عباس كان قد نهى عن كتاب العلم، وأنه قال: إنما أضل من قبلكم الكتب (تقييد العلم، ص6، وجامع بيان العلم، باب ذكر كراهية كتابة العلم وتخليده في الصحف).
[16] كتاب العلم، ص35.
[17] كتاب العلم، ص34.
[18] أبو عبيد الآجري: سؤالات أبي عبيد الآجري لأبي داود سليمان السجستاني، دراسة وتحقيق عبد العليم عبد العظيم، مكتبة دار الإستقامة بمكة - مؤسسة الريان ببيروت، الطبعة الأولى، 1418هـ ـ 1997م، عن مكتبة يعسوب الدين الإلكترونية، ص322.
[19] مقدمة ابن الصلاح، باب في كتابة الحديث وكيفية ضبط الكتاب وتقييده.
[20] ابن حجر العسقلاني: مقدمة فتح الباري، ضمن الفصل الأول، مكتبة سحاب السلفية الإلكترونية (لم تذكر أرقام صفحاته ولا فقراته). وانظر أيضاً: جمال الدين القاسمي: قواعد التحديث، شبكة المشكاة الإلكترونية، ص69.
[21] الرامهرمزي: المحدث الفاصل بين الراوي والواعي، شبكة المشكاة الإلكترونية، ص386.
[22] لاحظ مثلاً: مصطفى الزرقاء: الفقه الإسلامي في ثوبه الجديد، دار الفكر، الطبعة السابعة، ج2، ص927 وما بعدها. كذلك: عبد العزيز الخياط: نظرية العرف، مكتبة الأقصى، عمّان، 1397هـ ـ 1977م، ص89.
[23] جامع بيان العلم وفضله، باب ذكر كراهية كتابة العلم وتخليده في الصحف.
[24] مقدمة ابن الصلاح، باب معرفة المشهور من الحديث.
[25] ذكر ابن حجر أن بعض مشايخه نازع في تواتر هذا الحديث، وقال لأن شرط التواتر استواء طرفيه وما بينهما في الكثرة، وليست موجودة في كل طريق منها بمفردها. لكن أجيب بأن المراد بالتواتر هو رواية المجموع عن المجموع من ابتدائه إلى انتهائه في كل عصر، وهذا كاف في إفادة العلم، لأن العدد لا يشترط في التواتر. كما ردّ ابن حجر على من ادعى أن مثال التواتر لا يوجد إلا في هذا الحديث، فذكر جملة من الأحاديث التي ينطبق عليها التواتر، منها حديث من بنى لله مسجداً، والمسح على الخفين، ورفع اليدين في الصلاة، والشفاعة، والحوض، ورؤية الله في الآخرة، والأئمة من قريش، وغير ذلك (ابن حجر: فتح الباري، دار المعرفة، بيروت، ج1، ص181، عن مكتبة يعسوب الدين الإلكترونية).
[26] فتح الباري، ج1، ص181، وقواعد التحديث، ص171.
[27] مقدمة ابن الصلاح، باب معرفة المشهور من الحديث.
[28] لكن روي عن الزبير بن العوام، وهو أحد هؤلاء العشرة، أنه كذّب ذكر لفظة (متعمداً) في الحديث كما سنرى.
[29] حافظ أحمد الحكمي: دليل أرباب الفلاح لتحقيق فن الإصطلاح، نقل الكتاب أبو عبد الله عمر العاتي، دون ذكر أرقام الصفحات أو الفقرات، مكتبة سحاب السلفية الإلكترونية.
[30] مقدمة ابن الصلاح، باب معرفة المشهور من الحديث.
[31] أبو جعفر الطحاوي: مشكل الآثار، شبكة المشكاة الإلكترونية، ج1، ص65، والكفاية في علم الرواية، مصدر سابق، باب الكلام في الجرح وأحكامه.
[32] الكذب في اللغة يحتمل الغلط، ووضع الشيء في غير موضعه (بدر الدين الزركشي: البحر المحيط، شبكة المشكاة الإلكترونية (لم تذكر أرقام صفحاته)، فقرة 1068). وقد يكون المقصود من الكذب في الحديث النبوي حسب الصيغة الأخيرة هو النقل الخاطئ، ويؤيده أن هذه اللفظة كثيراً ما وردت عن الصحابة في اتهام بعضهم البعض الآخر بما يبدو أن معناه الخطأ دون التعمد. ومن ذلك ما رواه ابن عبد البر من أنه جاء في حديث مشهور أن سمرة قال: كان للنبي سكتتان يعين في الصلاة عند قرائته، فبلغ ذلك عمران بن الحصين فقال: كذب سمرة، فكتبوا إلى أبيّ بن كعب، فكتب قد صدق سمرة. وعن طاوس أنه قال: كنت جالساً عند ابن عمر فأتاه رجل فقال أن أبا هريرة يقول أن الوتر ليس بحتم فخذوا منه ودعوا، فقال ابن عمر كذب أبو هريرة؛ جاء رجل إلى رسول الله فسأله عن صلاة الليل فقال مثنى مثنى فإذا خشيت الصبح فواحدة. كما كذّبت عائشة ابن عمر في عدد عمر رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي أن الميت يعذب ببكاء أهله عليه. وقيل لعروة بن الزبير أن ابن عباس يقول أن رسول الله لبث بمكة بعد أن بعث ثلاث عشرة سنة، فقال كذب إنما أخذه من قول الشاعر. وعن الحسن بن علي أنه سئل عن قول الله عز وجل ((وشاهد ومشهود)) فأجاب فيها، فقيل له أن ابن عمر وابن الزبير قالا كذا وكذا خلاف قوله، فقال كذبا. وعن عبادة بن الصامت أنه قال كذب أبو محمد - وهو الصحابي مسعود بن أوس - في وجوب الوتر، حيث استشهد عبادة بقول رسول الله خمس صلوات كتبهن الله على العباد... الحديث (جامع بيان العلم، باب حكم قول العلماء بعضهم في بعض).
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى