منتديات تونس 2050
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
أفضل 10 أعضاء في هذا الأسبوع
لا يوجد مستخدم
المواضيع الأخيرة
صحيفة الشرق الأوسط السبت مايو 22, 2021 6:39 amAdmin
صحيفة القدس العربي السبت مايو 22, 2021 6:37 amAdmin
صحيفة العرب اللندنية السبت مايو 22, 2021 6:35 amAdmin
صحيفة العربي الجديد السبت مايو 22, 2021 6:33 amAdmin
مجلة التسلية والترفيهالخميس مايو 06, 2021 11:34 amAdmin
سلسلة رمضان يجمعناالثلاثاء أبريل 27, 2021 10:19 pmAdmin
Salam | سلامالثلاثاء أبريل 27, 2021 10:10 pmAdmin
بحـث
نتائج البحث
بحث متقدم

اذهب الى الأسفل
Admin
Admin
المدير العام
المدير العام
المساهمات : 4143
نقاط : 5585
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 31/01/2021
العمر : 34
الموقع : تونس 2050
https://tn50.yoo7.com

مختصر السيرة النبوية الشريفة Empty مختصر السيرة النبوية الشريفة

الثلاثاء مارس 09, 2021 4:23 pm
بسم الله الرحمان الرحيم


الحمد لله والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله وصحبه أجمعين وكل من تبعهم بإحسان إلى يوم الدين


أما بعد متابعي المنتدى الإسلامي الكرام فهذا موضوع جديد سيكون مختصرا للسيرة النبوية الشريفة العطرة


نرجو لكم الاستفادة منه والدال على الخير كفاعله


والسلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته
Admin
Admin
المدير العام
المدير العام
المساهمات : 4143
نقاط : 5585
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 31/01/2021
العمر : 34
الموقع : تونس 2050
https://tn50.yoo7.com

مختصر السيرة النبوية الشريفة Empty رد: مختصر السيرة النبوية الشريفة

الثلاثاء مارس 09, 2021 4:26 pm
أحوال العرب قبل الإسلام




كان العرب في شبه الجزيرة العربية قبل بعثة الرسول صلى الله عليه وسلم يعبدون الأصنام من دون الله، ويقدمون لها القرابين، ويسجدون لها، ويتوسلون بها، وهي أحجار لا تضر ولا تنفع، وكان حول الكعبة ثلاثمائة وستون صنمًا.
ومن عجيب أمرهم أن أحدهم كان يشتري العجوة، ويصنع منها صنمًا، ثم يعبده ويسجد له، ويسأله أن يحجب عنه الشر ويجلب له الخير، فإذا شعر بالجوع أكل إلهه!! ثم يأخذ كأسًا من الخمر، يشربها حتى يفقد وعيه، وفي ذلك الزمان كانت تحدث أشياء غريبة وعجيبة، فالناس يطوفون عرايا حول الكعبة، وقد تجردوا من ملابسهم بلا حياء، يصفقون ويصفرون ويصيحون بلا نظام، وقد وصف الله -عز وجل- صلاتهم فقال: {وما كان صلاتهم عند البيت إلا مكاء وتصدية فذوقوا العذاب بما كنتم تكفرون} [الأنفال:35].
وكانت الحروب تقوم بينهم لأتفه الأسباب، وتستمر مشتعلة أعوامًا طويلة فهذان رجلان يقتتلان، فيجتمع الناس حولهما، وتناصر كل قبيلة صاحبها، لم يسألوا عن الظالم ولا عن المظلوم، وتقوم الحرب في لمح البصر، ولا تنتهي حتى يموت الرجال، وانتشرت بينهم العادات السيئة مثل: شرب الخمر، وقطع الطرق والزنا.
وكانت بعض القبائل تهين المرأة، وينظرون إليها باحتقار، فهي في اعتقادهم عار كبير عليهم أن يتخلصوا منها، فكان الرجل منهم إذا ولدت له أنثى؛ حزن حزنًا شديدًا.
قال تعالى: {وإذا بشر أحدهم بالأنثى ظل وجهه مسودًا وهو كظيم يتواري من القوم من سوء ما بشر به أيمسكه علي هون أم يدسه في التراب ألا ساء ما يحكمون} _[النحل: 58-59] وقد يصل به الأمر إلى أن يدفنها وهي حية، وهي العادة التي عرفت عندهم بوأد البنات.
فهذا رجل يحمل طفلته ويسير بها إلى الصحراء فوق الرمال المحرقة، ويحفر حفرة ثم يضع ابنته فيها وهي حية، ولا تستطيع الطفلة البريئة أن تدافع عن نفسها؛ بل تناديه: أبتاه .. أبتاه .. فلا يرحم براءتها ولا ضعفها، ولا يستجيب لندائها.. بل يهيل عليها الرمال، ثم يمشي رافعًا رأسه كأنه لم يفعل شيئًا!! قال تعالى: {وإذا الموءودة سئلت بأي ذنب قتلت} [التكوير: 7-8] وليس هذا الأمر عامًا بين العرب، فقد كانت بعض القبائل تمنع وأد البنات.
وكان الظلم ينتشر في المجتمع؛ فالقوى لا يرحم الضعيف، والغني لا يعطف على الفقير، بل يُسخره لخدمته، وإن أقرضه مالا؛ فإنه يقرضه بالربا، فإذا اقترض الفقير دينارًا؛ يرده دينارين، فيزداد فقرًا، ويزداد الغني ثراء، وكانت القبائل متفرقة، لكل قبيلة رئيس، وهم لا يخضعون لقانون منظم، ومع كل هذا الجهل والظلام في ذلك العصر المسمى بالعصر الجاهلي، كانت هناك بعض الصفات الطيبة والنبيلة؛ كإكرام الضيف، فإذا جاء ضيف على أحدهم بذل له كل ما عنده، ولم يبخل عليه بشىء، فها هو ذا حاتم الطائي لم يجد ما يطعم به ضيوفه؛ فذبح فرسه -وقد كانوا يأكلون لحم الخيل- وأطعمهم قبل أن يأكل هو. وكانوا ينصرون المستغيث فإذا نادى إنسان، وقال: إني مظلوم اجتمعوا حوله وردوا إليه حقه، وقد حدث ذات مرة أن جاء رجل يستغيث، وينادي بأعلى صوته في زعماء قريش أن ينصروه على العاص بن وائل الذي اشترى منه بضاعته، ورفض أن يعطيه ثمنها؛ فتجمع زعماء قريش في دار عبدالله بن جدعان وتحالفوا على أن ينصروا المظلوم، ويأخذوا حقه من الظالم، وسموا ذلك الاتفاق حلف الفضول، وذهبوا إلى العاص بن وائل، وأخذوا منه ثمن البضاعة، وأعطوه لصاحبه.
وفي هذا المجتمع ولد محمد صلى الله عليه وسلم من أسرة كريمة المعدن، نبيلة النسب، جمعت ما في العرب من فضائل، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عن نفسه: (إن الله اصطفى كنانة من ولد إسماعيل، واصطفى قريشًا من كنانة واصطفي من قريش بني هاشم، واصطفاني من بني هاشم) [مسلم].


عدل سابقا من قبل Admin في الثلاثاء مارس 09, 2021 5:04 pm عدل 1 مرات
Admin
Admin
المدير العام
المدير العام
المساهمات : 4143
نقاط : 5585
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 31/01/2021
العمر : 34
الموقع : تونس 2050
https://tn50.yoo7.com

مختصر السيرة النبوية الشريفة Empty رد: مختصر السيرة النبوية الشريفة

الثلاثاء مارس 09, 2021 4:27 pm
نسب النبي صلى الله عليه وسلم

هو محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤى بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان الذي يصل نسبه إلى إسماعيل بن إبراهيم -عليهما الصلاة والسلام..

جده هاشم وحكاية الثريد:

كان عمرو بن عبد مناف الجد الأكبر للرسول صلى الله عليه وسلم رجلا كريمًا فقد حدث في عصره أن نزل القحط بالناس، فلم يجدوا ما يأكلون، وكادوا يموتون جوعًا، وبدأ كل إنسان يفكر في نجاة نفسه فقط، فالذي عنده طعام يحرص عليه ويحجبه عن الناس، فذهب عمرو إلى بيته وأخرج ما عنده من الطعام، وأخذ يهشم الثريد (أي: يكسر الخبز في المرق) لقومه ويطعمهم، فسموه (هاشمًا)؛ لأنه كريم يهشم ثريده للناس جميعًا. وعندما ضاق الرزق في مكة أراد هاشم أن يخفف عن أهلها، فسافر إلى الشام صيفًا، وإلى اليمن شتاء؛ من أجل التجارة، فكان أول من علَّم الناس هاتين الرحلتين، وفي إحدى الرحلات، وبينما هاشم في طريقه للشام مر بيثرب، فتزوج سلمى بنت عمرو إحدى نساء بني النجار، وتركها وهي حامل بابنه عبد المطلب لتلد بين أهلها الذين اشترطوا عليه ذلك عند زواجه منها.

جده عبدالمطلب وحكاية الكنز:

كان عبد المطلب بن هاشم جد الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم يسقي الحجيج الذين يأتون للطواف حول الكعبة، ويقوم على رعاية بيت الله الحرام فالتف الناس حوله، فكان زعيمهم وأشرفهم، وكان عبدالمطلب يتمنى لو عرف مكان بئر زمزم ليحفرها؛ لأنها كانت قد ردمت بمرور السنين، ولم يَعُد أحد يعرف مكانها، فرأى في منامه ذات ليلة مكان بئر زمزم، فأخبر قومه بذلك ولكنهم لم يصدقوه، فبدأ عبدالمطلب في حفر البئر هو وابنه الحارث، والناس يسخرون منهما، وبينما هما يحفران، تفجر الماء من تحت أقدامهما، والتف الناس حول البئر مسرورين، وظن عبدالمطلب أنهم سيشكرونه، لكنه فوجئ بهم ينازعونه امتلاك البئر، فشعر بالظلم والضعف لأنه ليس له أبناء إلا الحارث، وهو لا يستطيع نصرته، فإذا به يرفع يديه إلى السماء، ويدعو الله أن يرزقه عشرة أبناء من الذكور، ونذر أن يذبح أحدهم تقربًا لله.

حكاية الأبناء العشرة:

استجاب الله دعوة عبد المطلب، فرزقه عشرة أولاد، وشعر عبدالمطلب بالفرحة فقد تحقق رجاؤه، ورزق بأولاد سيكونون له سندًا وعونًا، لكن فرحته لم تستمر طويلا؛ فقد تذكر النذر الذي قطعه على نفسه، فعليه أن يذبح واحدًا من أولاده، فكر عبدالمطلب طويلا، ثم ترك الاختيار لله تعالى، فأجرى قرعة بين أولاده، فخرجت القرعة على عبدالله أصغر أولاده وأحبهم إلى قلبه، فأصبح عبد المطلب في حيرة؛ أيذبح ولده الحبيب أم يعصى الله ولا يفي بنذره؟ فاستشار قومه، فأشاروا عليه بأن يعيد القرعة، فأعادها مرارًا، لكن القدر كان يختار عبدالله في كل مرة، فازداد قلق عبدالمطلب، فأشارت عليه كاهنة بأن يفتدي ولده بالإبل، فيجري القرعة بين عبدالله وعشرة من الإبل، ويظل يضاعف عددها، حتى تستقر القرعة على الإبل بدلا من ولده، فعمل عبدالمطلب بنصيحة الكاهنة، واستمر في مضاعفة عدد الإبل حتى بلغت مائة بعير، وعندئذ وقعت القرعة عليها، فذبحها فداء لعبد الله، وفرحت مكة كلها بنجاة عبد الله، وذبح له والده مائة ناقة فداءً له، وازداد عبد المطلب حبًّا لولده، وغمره بعطفه ورعايته.

أبوه عبدالله وزواجه المبارك من السيدة آمنة:

كان عبد الله أكرم شباب قريش أخلاقًا، وأجملهم منظرًا، وأراد والده عبد المطلب أن يزوجه، فاختار له زوجة صالحة، هي السيدة آمنة بنت وهب بن عبد مناف بن زهرة أطهر نساء بني زهرة، وسيدة نسائهم، والسيدة آمنة تلتقي في نسبها مع عبدالله والد النبي صلى الله عليه وسلم في كلاب بن مرة، وتمر الأيام، ويخرج عبدالله في تجارة إلى الشام، بعد أن ترك زوجته آمنة حاملا ولحكمة يعلمها الله، مات عبد الله قبل أن يرى وليده.

حكاية الفيل:

وذات يوم، استيقظ أهل مكة على خبر أصابهم بالفزع والرعب، فقد جاء ملك اليمن أبرهة الأشرم الحبشي بجيش كبير، يتقدمه فيل ضخم، يريد هدم الكعبة حتى يتحول الحجيج إلى كنيسته التي بناها في اليمن، وأنفق عليها أموالا كثيرة، واقترب الجيش من بيت الله الحرام، وظهر الخوف والهلع على وجوه أهل مكة، والتف الناس حول عبدالمطلب الذي قال لأبرهة بلسان الواثق من نصر الله تعالى: (للبيت رب يحميه).
فازداد أبرهة عنادًا، وأصرَّ على هدم الكعبة، فوجه الفيل الضخم نحوها، فلما اقترب منها أدار الفيل ظهره ولم يتحرك،، وأرسل الله طيورًا من السماء تحمل حجارة صغيرة، لكنها شديدة صلبة، ألقت بها فوق رءوس جنود أبرهة فقتلتهم وأهلكتهم. قال تعالى: {ألم تر كيف فعل ربك بأصحاب الفيل . ألم يجعل كيدهم في تضليل . وأرسل عليهم طيرًا أبابيل . ترميهم بحجارة من سجيل فجعلهم كعصف مأكول} [الفيل] وفي هذا العام ولد الرسول صلى الله عليه وسلم.


عدل سابقا من قبل Admin في الثلاثاء مارس 09, 2021 5:05 pm عدل 1 مرات
Admin
Admin
المدير العام
المدير العام
المساهمات : 4143
نقاط : 5585
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 31/01/2021
العمر : 34
الموقع : تونس 2050
https://tn50.yoo7.com

مختصر السيرة النبوية الشريفة Empty رد: مختصر السيرة النبوية الشريفة

الثلاثاء مارس 09, 2021 4:28 pm
ميلاد الرسول وطفولته


في يوم الاثنين الثاني عشر من شهر ربيع الأول الذي يوافق عام (571م) ولدت السيدة آمنة بنت وهب زوجة عبد الله بن عبد المطلب غلامًا جميلا، مشرق الوجه، وخرجت ثويبة الأسلمية خادمة أبي لهب -عم النبي صلى الله عليه وسلم- تهرول إلى سيدها أبي لهب، ووجهها ينطق بالسعادة، وما كادت تصل إليه حتى همست له بالبشرى، فتهلل وجهه، وقال لها من فرط سروره: اذهبي فأنت حرة! وأسرع عبد المطلب إلى بيت ابنه عبد الله ثم خرج حاملا الوليد الجديد، ودخل به الكعبة مسرورًا كأنه يحمل على يديه كلَّ نعيم الدنيا، وأخذ يضمه إلى صدره ويقبله في حنان بالغ، ويشكر الله ويدعوه، وألهمه الله أن يطلق على حفيده اسم محمد.


حكاية مرضعة الرسول صلى الله عليه وسلم:


جاءت المرضعات من قبيلة بني سعد إلى مكة؛ ليأخذن الأطفال الرُّضَّع إلى البادية حتى ينشئوا هناك أقوياء فصحاء، قادرين على مواجهة أعباء الحياة، وكانت كل مرضعة تبحث عن رضيع من أسرة غنية ووالده حي؛ ليعطيها مالاً كثيرًا، لذلك رفضت كل المرضعات أن يأخذن محمدًا صلى الله عليه وسلم لأنه يتيم، وأخذته السيدة حليمة السعدية لأنها لم تجد رضيعًا غيره، وعاش محمد صلى الله عليه وسلم في قبيلة بني سعد، فكان خيرًا وبركة على حليمة وأهلها، حيث اخضرَّت أرضهم بعد الجدب والجفاف، وجرى اللبن في ضروع الإبل.


حكاية شق الصدر:


وفي بادية بني سعد وقعت حادثة غريبة، فقد خرج محمد صلى الله عليه وسلم ذات يوم ليلعب مع أخيه من الرضاعة ابن حليمة السعدية، وفي أثناء لعبهما ظهر رجلان فجأة، واتجها نحو محمد صلى الله عليه وسلم فأمسكاه، وأضجعاه على الأرض ثم شقَّا صدره، وكان أخوه من الرضاعة يشاهد عن قرب ما يحدث له، فأسرع نحو أمه وهو يصرخ، ويحكى لها ما حدث. فأسرعت حليمة السعدية وهي مذعورة إلى حيث يوجد الغلام القرشي فهو أمانة عندها، وتخشى عليه أن يصاب بسوء، لكنها على عكس ما تصورت، وجدته واقفًا وحده، قد تأثر بما حدث، فاصفر لونه، فضمته في حنان إلى صدرها، وعادت به إلى البيت، فسألته حليمة: ماذا حدث لك يا محمد؟ فأخذ يقص عليها ما حدث، لقد كان هذان الرجلان ملكين من السماء أرسلهما الله تعالى؛ ليطهرا قلبه ويغسلاه، حتى يتهيأ للرسالة العظيمة التي سيكلفه الله بها. خافت حليمة على محمد، فحملته إلى أمه في مكة، وأخبرتها بما حدث لابنها، فقالت لها السيدة آمنة في ثقة: أتخوفتِ عليه الشيطان؟ فأجابتها حليمة: نعم، فقالت السيدة آمنة: كلا والله ما للشيطان عليه من سبيل، وإن لابني لشأنًا؛ لقد رأيت حين حملت به أنه خرج مني نور، أضاء لي به قصور الشام، وكان حَمْلُه يسيرًا، فرجعت به حليمة إلى قومها بعد أن زال الخوف من قلبها، وظل عندها حتى بلغ عمره خمس سنوات، ثم عاد إلى أمه في مكة.


رحلة محمد صلى الله عليه وسلم مع أمه إلى يثرب:


وذات يوم، خرجت السيدة آمنة ومعها طفلها محمد وخادمتها أم أيمن من مكة متوجهة إلى يثرب؛ لزيارة قبر زوجها عبد الله، وفاء له، وليعرف ولدها قبر أبيه، ويزور أخوال جده من بني النجار، وكان الجو شديد الحر، وتحملت أعباء هذه الرحلة الطويلة الشاقة، وظلت السيدة آمنة شهرًا في المدينة، وأثناء عودتها مرضت وماتت وهي في الطريق، في مكان يسمى الأبواء، فدفنت فيه، وعادت أم أيمن إلى مكة بالطفل محمد يتيمًا وحيدًا، فعاش مع جده عبدالمطلب، وكان عمر محمد آنذاك ست سنوات.


محمد صلى الله عليه وسلم في كفالة جده عبد المطلب:


بعد وفاة السيدة آمنة عاش محمد صلى الله عليه وسلم في ظل كفالة جده عبدالمطلب الذي امتلأ قلبه بحب محمد، فكان يؤثر أن يصحبه في مجالسه العامة، ويجلسه على فراشه بجوار الكعبة، ولكن عبدالمطلب فارق الحياة ومحمد في الثامنة من عمره.


محمد صلى الله عليه وسلم في كفالة عمه أبي طالب:


وتكفَّل به بعد وفاة جده عمه أبو طالب، فقام بتربيته ورعايته هو وزوجته فاطمة بنت أسد، وأخذه مع أبنائه، رغم أنه لم يكن أكثر أعمام النبي صلى الله عليه وسلم مالا، لكنه كان أكثرهم نبلا وشرفًا، فزاد عطفه على محمد صلى الله عليه وسلم حتى إنه كان لا يجلس في مجلس إلا وهو معه، ويناديه بابنه من شدة حبه له.


رحلته عليه الصلاة و السلام إلى الشام:


خرج محمد صلى الله عليه وسلم مع عمه أبو طالب في رحلة إلى الشام مع القوافل التجارية وعمره اثنا عشر عامًا، وتحركت القافلة، ومضت في طريقها؛ حتى وصلت إلى بلدة اسمها (بصرى) وأثناء سيرها مرت بكوخ يسكنه راهب اسمه (بُحَيْرَى) فلما رأى القافلة خرج إليها، ودقق النظر في وجه محمد صلى الله عليه وسلم طويلا، ثم قال لأبي طالب: ما قرابة هذا الغلام منك؟ فقال أبوطالب: هو ابني -وكان يدعوه بابنه حبًّا له- قال بحيرى: ما هو بابنك، وما ينبغي أن يكون هذا الغلام أبوه حيًّا، قال أبو طالب: هو ابن أخي، فسأله بحيرى: فما فعل أبوه؟ قال أبو طالب: مات وأمه حبلى به؟ فقال له بحيرى: صدقت! فارجع به إلى بلده واحذر عليه اليهود!! فوالله لئن رأوه هنا ليوقعون به شرًّا، فإنه سيكون لابن أخيك هذا شأن عظيم، فأسرع أبو طالب بالعودة إلى مكة وفي صحبته ابن أخيه محمد.


عدل سابقا من قبل Admin في الثلاثاء مارس 09, 2021 5:07 pm عدل 1 مرات
Admin
Admin
المدير العام
المدير العام
المساهمات : 4143
نقاط : 5585
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 31/01/2021
العمر : 34
الموقع : تونس 2050
https://tn50.yoo7.com

مختصر السيرة النبوية الشريفة Empty رد: مختصر السيرة النبوية الشريفة

الثلاثاء مارس 09, 2021 4:29 pm
نبي الله عليه الصلاة والسلام في شبابه

كان الشباب في مكة يلهون ويعبثون، أما محمد صلى الله عليه وسلم فكان يعمل ولا يتكاسل؛ يرعى الأغنام طوال النهار، ويتأمل الكون ويفكر في خلق الله، وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم -بعد أن أوتي النبوة- ذلك العمل، فقال: (ما بعث الله نبيًّا إلا رعى الغنم) فقال أصحابه: وأنت؟ قال: (نعم، كنتُ أرعاها على قراريط لأهل مكة) [البخاري] وكان الله -سبحانه- يحرسه ويرعاه على الدوام؛ فذات يوم فكر أن يلهو كما يلهو الشباب، فطلب من صاحب له أن يحرس أغنامه، حتى ينزل مكة ويشارك الشباب في لهوهم، وعندما وصل إليها وجد حفل زواج، فوقف عنده، فسلط الله عليه النوم، ولم يستيقظ إلا في صباح اليوم التالي. وعندما كانت قريش تجدد بناء الكعبة، كان محمد صلى الله عليه وسلم ينقل معهم الحجارة للكعبة وعليه إزاره، فقال له العباس عمه: اجعل إزارك على رقبتك يقيك الحجارة، ففعل، فخر إلى الأرض، وجعل ينظر بعينيه إلى السماء، ويقول: إزاري.. إزاري، فشد عليه، فما رؤى بعد ذلك عريانًا.

التاجر الأمين:

وحين جاوز النبي صلى الله عليه وسلم العشرين من عمره أُتيحت له فرصة السفر مع قافلة التجارة إلى الشام، ففي مكة كان الناس يستعدون لرحلة الصيف التجارية إلى الشام، وكل منهم يعد راحلته وبضاعته وأمواله، وكانت السيدة خديجة بنت خويلد -وهي من أشرف نساء قريش، وأكرمهن أخلاقًا، وأكثرهن مالا- تبحث عن رجل أمين يتاجر لها في مالها ويخرج به مع القوم، فسمعت عن محمد وأخلاقه العظيمة، ومكانته عند أهل مكة جميعًا، واحترامهم له؛ لأنه صادق أمين، فاتفقت معه أن يتاجر لها مقابل مبلغ من المال، فوافق محمد صلى الله عليه وسلم وخرج مع غلام لها اسمه ميسرة إلى الشام. تحركت القافلة في طريقها إلى الشام، وبعد أن قطع القوم المسافات الطويلة نزلوا ليستريحوا بعض الوقت، وجلس محمد صلى الله عليه وسلم تحت شجرة، وعلى مقربة منه صومعة راهب، وما إن رأى الراهب محمدًا صلى الله عليه وسلم حتى أخذ ينظر إليه ويطيل النظر، ثم سأل ميسرة: من هذا الرجل الذي نزل تحت هذه الشجرة؟ فقال ميسرة: هذا رجل من قريش من أهل الحرم، فقال الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي، وباعت القافلة كل تجارتها، واشترت ما تريد من البضائع، وكان ميسرة ينظر إلى محمد ويتعجب من سماحته وأخلاقه والربح الكبير الذي حققه في مال السيدة خديجة. وفي طريق العودة حدث أمر عجيب، فقد كانت هناك غمامة في السماء تظل محمدًا وتقيه الحر، وكان ميسرة ينظر إلى ذلك المشهد، وقد بدت على وجهه علامات الدهشة والتعجب، وأخيرًا وصلت القافلة إلى مكة فخرج الناس لاستقبالها مشتاقين؛ كل منهم يريد الاطمئنان على أمواله، وما تحقق له من ربح، وحكى ميسرة لسيدته خديجة ما رأى من أمر محمد، فقد أخبرها بما قاله الراهب، وبالغمامة التي كانت تظل محمدًا في الطريق؛ لتقيه من الحر دون سائر أفراد القافلة.

زواج محمد صلى الله عليه وسلم من السيدة خديجة:

استمعت السيدة خديجة إلى ميسرة في دهشة، وقد تأكدت من أمانة محمد صلى الله عليه وسلم وحسن أخلاقه، فتمنت أن تتزوجه، فأرسلت السيدة خديجة صديقتها نفيسة بنت منبه؛ لتعرض على محمد الزواج، فوافق محمد صلى الله عليه وسلم على هذا الزواج، وكلم أعمامه، الذين رحبوا ووافقوا على هذا الزواج، وساروا إلى السيدة خديجة يريدون خطبتها؛ فلما انتهوا إلى دار خويلد قام أبو طالب عم النبي وكفيله يخطُب خُطبة العرس، فقال: (الحمد لله الذي جعلنا من ذرية إبراهيم وزرع إسماعيل، وجعل لنا بيتًا محجوجًا وحرمًا آمنًا، وجعلنا أمناء بيته، وسُوَّاس حرمه، وجعلنا الحكام على الناس، ثم إن ابن أخي هذا محمد بن عبد الله لا يوزن به رجل شرفًا ونبلاً وفضلاً، وإن كان في المال قلا، فإن المال ظل زائل، وقد خطب خديجة بنت خويلد وبذل لها من الصداق ما عاجله وآجله من مالي كذا وكذا، وهو والله بعد هذا له نبأ عظيم، وخطر جليل) وتزوج النبي صلى الله عليه وسلم السيدة خديجة، وعاشا معًا حياة طيبة موفقة، ورزقهما الله تعالى البنين والبنات، فأنجبت له ستة أولاد هم: زينب، ورقية، وأم كلثوم، وفاطمة، وعبدالله، والقاسم، وبه يكنى الرسول فيقال: أبو القاسم.

بناء الكعبة وقصة الحجر الأسود:

اجتمعت قريش لإعادة بناء الكعبة، وأثناء البناء اختلفوا فيمن ينال شرف وضع الحجر الأسود في مكانه، واشتد الخلاف بينهم، وكاد أن يتحول إلى حرب بين قبائل قريش، ولكنهم تداركوا أمرهم، وارتضوا أن يُحكِّموا أول داخل عليهم وانتظر القوم، وكل واحد يسأل نفسه: ترى من سيأتي الآن؟ ولمن سيحكم؟ وفجأة تهللت وجوههم بالفرحة والسرور عندما رأوا محمدًا يقبل عليهم، فكل واحدٍ منهم يحبه ويثق في عدله وأمانته ورجاحة عقله وسداد رأيه، فهتفوا: هذا الأمين قد رضيناه حَكَما، وعرضوا عليه الأمر وطلبوا منه أن يحكم بينهم، فخلع الرسول صلى الله عليه وسلم رداءه ووضع الحجر عليه، ثم أمر رؤساء القبائل فرفعوا الثوب حتى أوصلوا الحجر إلى مكانه من الكعبة، عندئذ حمله الرسول صلى الله عليه وسلم بيده الشريفة ووضعه مكانه، وهكذا كفاهم الله شر القتال.
Admin
Admin
المدير العام
المدير العام
المساهمات : 4143
نقاط : 5585
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 31/01/2021
العمر : 34
الموقع : تونس 2050
https://tn50.yoo7.com

مختصر السيرة النبوية الشريفة Empty رد: مختصر السيرة النبوية الشريفة

الثلاثاء مارس 09, 2021 4:30 pm
نزول الوحي


كان محمد صلى الله عليه وسلم يكثر من الذهاب إلى غار حراء، فيجلس وحده فيه أيامًا بلياليها؛ يفكر في خالق هذا الكون بعيدًا عن الناس وما يفعلونه من آثام، ولقد كان يمشي تلك المسافة الطويلة ويصعد ذلك الجبل العالي، ثم يعود إلى مكة ليتزود بالطعام ويرجع إلى ذلك الغار، وظل مدة لا يرى رؤيا إلا وتحققت كما رآها، وبدأت تحدث له أشياء عجيبة لا تحدث لأي إنسان آخر، فقد كان في مكة حَجَر يسلم عليه كلما مر به، قال صلى الله عليه وسلم: (إني لأعرف حجرًا بمكة كان يسلم عليَّ قبل أن أبعث، إني لأعرفه الآن) [مسلم].
وكان النبي صلى الله عليه وسلم يجلس ذات يوم في الغار، وإذا بجبريل -عليه السلام- ينزل عليه في صورة رجل ويقول له: اقرأ. وكان النبي صلى الله عليه وسلم لا يعرف القراءة ولا الكتابة، فخاف وارتعد، وقال للرجل: ما أنا بقارئ. وإذا بجبريل -عليه السلام- يضم النبي صلى الله عليه وسلم إليه بشدة، ثم يتركه ويقول له: اقرأ. فقال محمد: ما أنا بقارئ. وتكرر ذلك مرة ثالثة، فقال جبريل: {اقرأ باسم ربك الذي خلق . خلق الإنسان من علق . اقرأ وربك الأكرم} _[العلق:1-3]. فكانت هذه أولى آيات القرآن التي نزلت في شهر رمضان على رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في السنة الأربعين من عمره. رجع محمد صلى الله عليه وسلم إلى بيته مسرعًا، ثم رقد وهو يرتعش، وطلب من زوجته أن تغطيه قائلا: (زملونى، زملونى) وحكى لها ما رآه في الغار، فطمأنته السيدة خديجة، وقالت له: كلا والله لا يخزيك الله أبدًا، إنك لتصل الرحم وتحمل الكلَّ (الضعيف) وتُكسب المعدوم، وتُقري (تكرم) الضيف، وتعين على نوائب الحق، فلما استمع النبي صلى الله عليه وسلم إلى كلام السيدة خديجة، عادت إليه الطمأنينة، وزال عنه الخوف والرعب، وبدأ يفكر فيما حدث.


حكاية ورقة بن نوفل:


وكان للسيدة خديجة ابن عم، اسمه (ورقة بن نوفل) على علم بالديانة المسيحية فذهبت إليه ومعها زوجها؛ ليسألاه عما حدث، فقالت خديجة لورقة: يابن عم اسمع من ابن أخيك، فقال ورقة: يابن أخي ماذا ترى؟ فأخبره النبي صلى الله عليه وسلم بالذي حدث في غار حراء، فلما سمعه ورقة قال: هذا الناموس الذي كان ينزل على موسى، ثم أخبره (ورقة) أنه يتمنى أن يعيش حتى ينصره، ويكون معه عندما يحاربه قومه، ويُخرجونه من مكة، فلما سمع الرسول صلى الله عليه وسلم ذلك تعجب وسأل ورقة قائلا: أو مُخرجيَّ هم؟ فقال له: نعم، لم يأتِ أحد بمثل ما جئت به إلا عُودِيَ، ومنذ ذلك اليوم والرسول صلى الله عليه وسلم يزداد شوقًا لوحي السماء الذي تأخر نزوله عليه بعد هذه المرة.


عودة الوحي:


وبعد فترة، وبينما كان النبي صلى الله عليه وسلم يمشي إذا به يسمع صوتًا، فرفع وجهه إلى السماء، فرأى الملك الذي جاءه في غار حراء جالسًا على كرسي بين السماء والأرض، فارتعد الرسول صلى الله عليه وسلم من هول المنظر، وأسرع إلى المنزل، وطلب من زوجته أن تغطيه، قائلا: دثروني. دثروني، وإذا بجبريل ينزل إليه بهذه الآيات التي يوجهها الله إليه: {يا أيها المدثر . قم فأنذر . وربك فكبر . وثيابك فطهر . والرجز فاهجر} _[المدثر: 1-5] وفي هذه الآيات تكليف من الله سبحانه لرسوله صلى الله عليه وسلم أن يدعو الناس.


الدعوة إلى الإسلام سرَّا:


كان الناس في مكة يعبدون الأصنام منذ زمن بعيد، وقد ورثوا عبادتها عن آبائهم وأجدادهم؛ فبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم بالدعوة إلى الإسلام سرَّا، وبدأ بأقرب الناس إليه، فآمنت به زوجته خديجة بنت خويلد، وآمن به أيضًا ابن عمه علي بن أبي طالب، وكان غلامًا في العاشرة من عمره، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي يقوم بتربيته، وكان صديقه أبو بكر أول الذين آمنوا به من الرجال، وكان ذا مكانة عظيمة بين قومه، يأتي الناس إليه ويجلسون معه، فاستغل أبو بكر مكانته هذه وأخذ يدعو من يأتي إليه ويثق فيه إلى الإسلام، فأسلم على يديه عبدالرحمن بن عوف، وعثمان بن عفان، والزبير ابن العوام، وطلحة بن عبيد الله .. وغيرهم.
ولم تكن الصلاة قد فرضت في ذلك الوقت بالكيفية التي نعرفها، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بأصحابه الذين أسلموا سرًّا ركعتين قبل طلوع الشمس وركعتين قبل الغروب، وذلك في مكان بعيد عن أعين الكفار. وذات يوم كان الرسول صلى الله عليه وسلم يصلي بأصحابه في شِعبٍ من شِعَابِ مكة، إذ أقبل عليهم أبو طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم والذي لم يؤمن برسالته، فلما رأى الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه يصلون، سأله عن هذا الدين الجديد، فأخبره الرسول صلى الله عليه وسلم به لأنه يثق في عمه ويأمل أن يدخل الإسلام، ولكن أبا طالب رفض أن يترك دين آبائه وأجداده وطمأن النبي صلى الله عليه وسلم وتعهد بحمايته من أعدائه، وأوصى ابنه عليًّا أن يلزم رسول الله صلى الله عليه وسلم، واستمر الرسول صلى الله عليه وسلم يدعو قومه سرَّا، وعدد المسلمين يزداد يومًا بعد يوم، ويقوى الإيمان في قلوبهم بما ينزله الله عليهم من القرآن الكريم، وظلوا هكذا ثلاث سنوات.
Admin
Admin
المدير العام
المدير العام
المساهمات : 4143
نقاط : 5585
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 31/01/2021
العمر : 34
الموقع : تونس 2050
https://tn50.yoo7.com

مختصر السيرة النبوية الشريفة Empty رد: مختصر السيرة النبوية الشريفة

الثلاثاء مارس 09, 2021 4:38 pm
الهجرة إلى الحبشة

أصبحت مكة سجنًا كبيرًا يعذب فيه ضعفاء المسلمين، فهذا أمية بن خلف يُخرج عبده بلال بن رباح -رضي الله عنه- في حر الظهيرة ويطرحه على ظهره عريانًا فوق الرمال المحرقة، ويضع على صدره صخرة كبيرة، كل هذا العذاب لأن بلالا أسلم وسيده يريد منه أن يكفر بمحمد ويعبد الأصنام، لكن بلالا كان قوي الإيمان صلب العقيدة، لم يلن ولم يستسلم، وكان يردد قائلا: أحد .. أحد. وتحمل كل هذا العذاب حتى فَرَّجَ الله عنه.
وعُذِّبَ المسلمون داخل بيوتهم؛ فهذا مصعب بن عمير قد حبسته أمه، ومنعت عنه الطعام، وجمعت أخواله حتى يعذبوه ليترك الإسلام، وهكذا أصبحت مكة مكانًا غير مأمون على المسلمين، فتعذيب الكفار لهم يزداد يومًا بعد يوم، ففكر النبي صلى الله عليه وسلم في مكان يطمئن فيه على أصحابه، فوقع اختياره على الحبشة، فأمر أصحابه ممن يطيقون الهجرة بالتوجه إليها، لأن فيها ملكًا لا يُظلم عنده أحد، وخرج بعض المسلمين المهاجرين إلى هناك سرًّا، وكان من بينهم عثمان بن عفان وزوجته رقية بنت النبي صلى الله عليه وسلم، وجعفر بن أبي طالب وزوجته أسماء بنت عميس، وعبدالله بن مسعود -رضي الله عنهم- وغيرهم.
ولما علم أهل قريش بذلك اشتد غيظهم ورفضوا أن يتركوا المسلمين المهاجرين إلى الحبشة وشأنهم، بل صمموا على إرجاعهم إلى مكة، فاختاروا من بينهم رجلين معروفين بالذكاء، وهما: عمرو بن العاص وعبدالله بن أبي بلتعة وأرسلوهما بهدايا إلى ملك الحبشة، فدخل عمرو بن العاص على النجاشي، وقال له: أيها الملك، إنه ضَوَى (جاء) إلى بلدك منا سفهاء، فارقوا دين قومهم، ولم يدخلوا في دينكم، وجاءوا بدين مبتدع، لا نعرفه نحن ولا أنتم، وقد بعثنا إلى الملك فيهم آباؤهم وأعمامهم وعشائرهم؛ لتردهم إليهم، فهم أعلى بهم عينًا وأعلم بما عابوا عليهم، فرفض النجاشي أن يسلِّم المسلمين لهم، حتى يبعث إليهم ويتأكد من صحة كلام عمرو وصاحبه.
فأرسل النجاشي في طلب المسلمين المهاجرين إلى بلاده فجاءوا إليه، وأنابوا جعفر بن أبي طالب -رضي الله عنه- حتى يتحدث باسمهم، فسأله النجاشي: ما هذا الدين الذي قد فارقتم به قومكم، ولم تدخلوا في ديني، ولا في دين أحد من هذه الملل؟
فَرَدَّ عليه جعفر قائلا: أيها الملك، كنا قومًا أهل جاهلية، نعبد الأصنام، ونأكل الميتة، ونأتي الفواحش، ونقطع الأرحام، ونسيء الجوار، ويأكل القوي منا الضعيف، فكنا على ذلك حتى بعث الله إلينا رسولا منا، نعرف نسبه، وصدقه، وأمانته، وعفافه، فدعانا إلى الله لنوحده ونعبده، ونخلع ما كنا نعبد نحن وآباؤنا من دونه من الحجارة والأوثان، وأمرنا بصدق الحديث، وأداء الأمانة، وصلة الرحم، وحسن الجوار، والكف عن المحارم والدماء، ونهانا عن الفواحش، وقول الزور، وأكل مال اليتيم، وقذف المحصنات. وأمرنا أن نعبد الله وحده ولا نشرك به شيئًا، وأمرنا بالصلاة والزكاة والصيام فصدَّقناه وآمنا به، واتبعناه على ما جاء به من الله، فعبدنا الله وحده فلم نشرك به شيئًا، وحرمنا ما حرم علينا، وأحللنا ما أحل لنا، فعدا علينا قومُنا فعذبونا وفتنونا عن ديننا، ليردونا إلى عبادة الأوثان عن عبادة الله -تعالى- وأن نستحل ما كنا نستحل من الخبائث، فلما قهرونا وظلمونا وضيَّقوا علينا، وحالوا بيننا وبين ديننا، خرجنا إلى بلادك، واخترناك على من سواك، ورغبنا في جوارك، ورجونا أن لا نُظلَم عندك أيها الملك، فقال له النجاشي: هل معك مما جاء به الله من شيء؟ قال جعفر: نعم. فقال النجاشي: اقرأه عليَّ.
فقرأ عليه جعفر أول سورة مريم، فبكى النجاشي، ثم قال: إن هذا والذي جاء به عيسى ليخرج من مشكاة واحدة، ثم قال لعمرو وصاحبه: انطلقا، فلا والله لا أسلمهم إليكما، وردَّ النجاشي الهدايا إلى عمرو ولم يسلم المسلمين إليه، وهكذا فشل المشركون في الإيقاع بين المسلمين وملك الحبشة.
Admin
Admin
المدير العام
المدير العام
المساهمات : 4143
نقاط : 5585
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 31/01/2021
العمر : 34
الموقع : تونس 2050
https://tn50.yoo7.com

مختصر السيرة النبوية الشريفة Empty رد: مختصر السيرة النبوية الشريفة

الثلاثاء مارس 09, 2021 4:38 pm
المقاطعة

ازداد عدد المسلمين، وانضم إليهم عدد من أصحاب القوة والسيطرة، فأصبح من الصعب على المشركين تعذيبهم، ففكروا في تعذيب من نوع آخر، يشمل كل المسلمين قويهم وضعيفهم، بل يشمل كل من يحمي النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين حتى ولو لم يدخل في الإسلام، فقرر المشركون أن يقاطعوا بني هاشم ومن معهم، فلا يزوجونهم ولا يتزوجون منهم، ولا يبيعون لهم ولا يشترون منهم، ولا يكلمونهم، ولا يدخلون بيوتهم، وأن يستمروا هكذا حتى يُسلِّموا إليهم محمدًا ليقتلوه أو يتركوا دينهم، وأقسم المشركون على هذا العهد، وكتبوه في صحيفة وعلقوها داخل الكعبة.
وأحكم المشركون الحصار، فاضطر الرسول صلى الله عليه وسلم ومن معه إلى الاحتباس في شعب بني هاشم، وكان رجال قريش ينتظرون التجار القادمين إلى مكة ليشتروا منهم الطعام ويمنعوا المسلمين من شرائه، فيظلوا على جوعهم، فهذا أبو لهب يقول لتجار قريش عندما يرى مسلمًا يشترى طعامًا لأولاده: يا معشر التجار، غالوا على أصحاب محمد؛ حتى لا يدركوا معكم شيئًا، فيزيدون عليهم في السلعة، حتى يرجع المسلم إلى أطفاله، وهم يتألمون من الجوع، وليس في يديه شيء يطعمهم به.
ويذهب التجار إلى أبي لهب فيربحهم فيما اشتروا من الطعام واللباس، حتى تعب المؤمنون ومن معهم من الجوع والعرى، واستمر هذا الحصار على بني هاشم والمسلمين مدة ثلاث سنوات، ولكن المسلمين أثبتوا أنهم أقوى من كل حيل المشركين، فإيمانهم راسخ في قلوبهم لا يزحزحه جوع ولا عطش، حتى وإن اضطروا إلى أكل أوراق الشجر، فلم ييأسوا، ولم ينفضُّوا من حول نبيهم صلى الله عليه وسلم.
وشعر بعض المشركين بسوء ما يفعلونه، فقرروا إنهاء هذه المقاطعة الظالمة وأرسل الله تعالى الأرضة (دودة أو حشرة صغيرة تشبه النملة) فأكلت صحيفتهم، ولم تُبْقِ إلا اسم الله تعالى، وأوحى الله إلى نبيه بذلك، فأخبر النبي صلى الله عليه وسلم عمه أبا طالب بما حدث للصحيفة، فذهب أبو طالب إلى الكفار وأخبرهم بما أخبره محمد صلى الله عليه وسلم به، فأسرعوا إلى الصحيفة، فوجدوا ما قاله أبو طالب صدقًا، وتقدم من المشركين هشام بن عمرو، وزهير بن أبي أمية والمطعم بن عدى، وأبو البختري بن هشام، وزمعة بن الأسود، فتبرءوا من هذه المعاهدة، وبذلك انتهت المقاطعة بعد ثلاث سنوات من الصبر، والثبات والتحمل.
Admin
Admin
المدير العام
المدير العام
المساهمات : 4143
نقاط : 5585
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 31/01/2021
العمر : 34
الموقع : تونس 2050
https://tn50.yoo7.com

مختصر السيرة النبوية الشريفة Empty رد: مختصر السيرة النبوية الشريفة

الثلاثاء مارس 09, 2021 4:38 pm
الإسراء و المعراج

وهكذا أعرض أهل مكة عن الإسلام، وخذل أهل الطائف النبي صلى الله عليه وسلم، وازداد إيذاء الكافرين له ولصحابته، وخاصة بعد وفاة السيدة خديجة -رضي الله عنها- وعمه أبي طالب، وأراد الله -سبحانه- أن يخفف عن نبيه، فأكرمه برحلة الإسراء والمعراج؛ فبينما كان الرسول صلى الله عليه وسلم نائمًا بعد العشاء جاءه جبريل، فأيقظه وخرج به حتى انتهيا إلى دابة اسمها (البراق) تشبه البغل، ولها جناحان، فركب الرسول صلى الله عليه وسلم البراق حتى وصل بيت المقدس في فلسطين، وصلى بالأنبياء ركعتين.
وهذه الرحلة من مكة إلى بيت المقدس تسمى (الإسراء) قال تعالى: {سبحان الذي أسرى بعبده ليلاً من المسجد الحرام إلي المسجد الأقصى الذي باركنا حوله لنريه من آياتنا إنه هو السميع البصير} _[الإسراء: 1].
ثم بدأت الرحلة السماوية من المسجد الأقصى إلى السماوات العلا وتسمى (المعراج) وإذا بأبواب السماء تفتح للنبي صلى الله عليه وسلم، فسلم على الملائكة، وظل يصعد من سماء إلى سماء يرافقه جبريل؛ فرأى الجنة والنار، ورأى من مشاهد الآخرة ما لم يره إنسان حتى وصل إلى سدرة المنتهى، وهو موضع لم يبلغه نبي أو ملك قبله ولا بعده تكريمًا له، قال تعالى: {فكان قاب قوسين أو أدنى . فأوحى إلى عبده ما أوحى} [النجم: 9-10] وفي هذه الليلة، فرض الله الصلوات الخمس على المسلمين، ثم نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت المقدس، وركب البراق عائدًا إلى مكة.
وفي الصباح، حكى رسول الله صلى الله عليه وسلم لقومه ما حدث، فكذبوه وسخروا من كلامه، وأراد الكفار أن يختبروا صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، فطلبوا منه أن يصف بيت المقدس -ولم يكن رآه من قبل- فأظهر الله له صورة بيت المقدس، فأخذ يصفه وهو يراه، وهم لا يرونه، وأخبرهم الرسول صلى الله عليه وسلم بأشياء رآها في الطريق، وبقوم مر عليهم وهم في طريقهم إلى مكة، فخرج الناس ينتظرونهم، فجاءوا في موعدهم الذي حدده النبي صلى الله عليه وسلم فشهدوا بصدقه.
وأسرع بعضهم إلى أبي بكر يقول له في استنكار: أسمعت ما يقول محمد؟ وكان أبو بكر مؤمنًا صادق الإيمان، فصدَّق الرسول صلى الله عليه وسلم في كل ما قاله، فسماه الرسول صلى الله عليه وسلم (الصديق) وهكذا كانت هذه الرحلة تسرية عن النبي صلى الله عليه وسلم، وتخفيفًا للأحزان التي مرَّ بها، وتأكيدًا من الله له على أنه قادر على نصرته، وكانت أيضًا ابتلاء للذين آمنوا حتى يميز الله الطيب من الخبيث.
Admin
Admin
المدير العام
المدير العام
المساهمات : 4143
نقاط : 5585
السٌّمعَة : 0
تاريخ التسجيل : 31/01/2021
العمر : 34
الموقع : تونس 2050
https://tn50.yoo7.com

مختصر السيرة النبوية الشريفة Empty رد: مختصر السيرة النبوية الشريفة

الثلاثاء مارس 09, 2021 4:39 pm
الرسول في موسم الحج

جاء موسم الحج في السنة العاشرة من البعثة، فاجتمعت القبائل من كل مكان وبدأ الرسول صلى الله عليه وسلم يدعوهم قائلا: (يا أيها الناس، قولوا لا إله إلا الله تفلحوا، وتملكوا بها العرب، وتذل لكم العجم، وإذا آمنتم كنتم ملوكًا في الجنة)_[الطبراني وابن سعد] ووجد الرسول صلى الله عليه وسلم ستة رجال من (يثرب) يتحدثون، فاقترب منهم، وقال لهم: (من أنتم؟) قالوا: نفر من الخزرج. قال: أَمِنْ موالى يهود (أي من حلفائهم)؟ قالوا: نعم. قال: أفلا تجلسون أكلمكم؟. قالوا: بلى. فجلس معهم وحدثهم عن الإسلام، وتلا عليهم القرآن، فانشرحت له صدورهم، وظهرت علامات القبول على وجوههم، وكانت بينهم وبين اليهود عداوة، فكان اليهود يهددونهم بظهور نبي، وسوف يؤيدونه ويقاتلونهم معه، فلما سمعوا كلام الرسول صلى الله عليه وسلم نظر بعضهم لبعض وقالوا: تعلمون والله إنه النبي الذي توعدكم به اليهود فلا يسبقُنَّكُم إليه.. فأجابوا الرسول صلى الله عليه وسلم فيما دعاهم إليه، ووعدوه بأن يقابلوه في العام المقبل، ثم انصرفوا إلى قومهم وحدثوهم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانتشرت أخباره في يثرب. _[ابن إسحاق].

بـيعة العقبة الأولى:

وفي شهر ذي الحجة سنة إحدى عشرة من البعثة، قدم إلى مكة اثنا عشر رجلا من أهل يثرب من بينهم خمسة من الستة الذين كلموا الرسول صلى الله عليه وسلم في العام الماضي، واجتمع معهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكان اسمه العقبة؛ فآمنوا به صلى الله عليه وسلم، وبايعوه على ألا يشركوا بالله شيئًا، ولا يسرقوا، ولا يرتكبوا الفواحش والمنكرات، ولا يقتلوا أولادهم، ولا يعصوه صلى الله عليه وسلم في معروف يأمرهم به.
وكانت هذه هي بيعة العقبة الأولى، وعندما عادوا إلى يثرب أرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم معهم مصعب بن عمير -رضي الله عنه- ليعلمهم أمور الدين ويقرأ عليهم القرآن، فأسلم على يديه كثير من أهل يثرب.

بـيعة العقبة الثانية:

وفي شهر ذي الحجة من العام الثاني عشر من البعثة، ذهب ثلاثة وسبعون رجلا وامرأتان من أهل يثرب إلى الحج، ليبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، وفي ليلة الحادي عشر من ذي الحجة تسلل الرجال والمرأتان وذهبوا إلى العقبة، وجاء إليهم الرسول صلى الله عليه وسلم ومعه عمه العباس بن عبدالمطلب، ولم يكن قد آمن وقتئذ، ولكنه جاء ليطمئن على اتفاق ابن أخيه مع أهل يثرب، وليبين لهم أنه قادر على حمايته في مكة إن لم يكونوا قادرين على حمايته في المدينة.
وتمت بيعة العقبة الثانية، وفيها عاهد الأنصار النبي صلى الله عليه وسلم على السمع والطاعة، وقال لهم: (تبايعوني على السمع والطاعة، في النشاط والكسل، وعلى النفقة في العسر واليسر، وعلى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وعلى أن تقولوا في الله لا تأخذكم لومة لائم، وعلى أن تنصروني إذا قدمت عليكم، وتمنعوني مما تمنعون منه أنفسكم وأزواجكم وأبناءكم ولكم الجنة) _[أحمد].
وأصبح لرسول الله صلى الله عليه وسلم أتباع أقوياء مستعدون لنصرته، والقتال من أجل الإسلام، حتى إن أحدهم وهو العباس بن عبادة -رضي الله عنه- قام وقال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: والله الذي بعثك بالحق، إن شئت لنميلن على أهل منى غدًا بأسيافنا، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يفعل إلا ما يأمره الله به، فقال له: (لم نؤمر بذلك، ولكن ارجعوا إلى رحالكم) [ابن إسحاق] واختار رسول الله صلى الله عليه وسلم منهم اثني عشر رجلا؛ ليكونوا أمراء عليهم حتى يهاجر إليهم. وفي الصباح، تسلل الخبر إلى كفار قريش، فاكتشفوا أمر ذلك الاجتماع الخطير، وخرجت قريش تطلب المسلمين من أهل يثرب فأدركوا (سعد بن عبادة) وأسروه وأخذوا يعذبونه ويَجُرُّونه حتى أدخلوه مكة، وكان سعد يجير ويحمي تجارة اثنين من كبار مكة إذا مرا ببلده، وهما جبير بن مطعم بن عدي والحارث بن حرب بن أمية، فنادى باسميهما فجاءا وخلصاه من أيدي المشركين، وعاد سعد بن عبادة -رضي الله عنه- إلى يثرب.
الرجوع الى أعلى الصفحة
صلاحيات هذا المنتدى:
لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى